كوتش عائشة

في خدمة التنمية الاسرية

  الاصغاء  الفعال ودوره في وحدة  الاسرة:

الاستماع هو استعمال حاسة السمع سواء بإرادنا او من دونها،  فيمكنك ان تسمع كل الأصوات بما في ذلك اصوات الطبيعة والطيور وغيرها من دون اي مجهود منك .

أما  الانصات او الاصغاء أو الاستماع الفعال ( l’ecoute actif)  فهو الاستماع  بانتباه وتمعن لفهم معاني المتكلم والوصول معه الى نفس زاوية الرؤية  .

يقول تعالى  ” وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون” الآية .

ويعتبر الإصغاء  الفعال من بين الأدوات التي  تؤهل  الأفراد  في الأسرة  إلى فهم  وتفهم   بعضهم وكذا فهم الآخر و يساهم   في إرساء دعائم التفاهم والمودة فيما بينهم . لتستمر الأسرة  متناغمة ومتحابة .

وأمام هذا الزخم الكبير من الأصوات المزعجة المتعالية،  فما أحوجنا اليوم الى التدريب على حسن الإصغاء ، بدأ من الأبوين، وهما الركيزة  الاساسية في الاسرة ، فلم يعد احد منهما  يعير اهتماما لما يقوله الأبناء ، بل  منهم من يرى في حديث ابنائه ازعاجا لراحته، كما أن بعضهم أصبح الواتساب  هو وساطته للحديث مع ابنائه ، بل لم يعد مجمع الاسرة كما كان على مائدة الطعام حيث تلتف الاسرة على طعام واحد،  فلكل وجبته المفضلة  ولكل حديثه مع مجموعته الافتراضية التي يرى فيها السند والملجأ عوض اسرته الحقيقية .

ان المتمعن في  حال كثير من الأسر اليوم ، يجدها في شتات كبير، يقابله قصور في أداء وظائف عدة ،  فكثرة الإقبال على الدروس الخصوصية وحصص الدعم المدرسي أكبر مثال على ذلك ، مع العلم أن أغلب الأطفال الذين يستفيدون من هذه الحصص آباؤهم متعلمون ،  فعوض الجلوس مع الأبناء والإنصات إليهم لمعرفة مواطن الخلل عندهم ونوع الصعوبات التي تواجههم ، فإن الآباء يفضلون اللجوء الى صرف مبالغ  على هذه الحصص و في اعتقادهم أنها ستفيد  أبنائهم في الحصول على علامات أعلى في الامتحان ، غير ان هذه الحصص في  كثير من الاحيان ، لا تكرس سوى التعود على التكاسل و التعلم عن طريق التكرار وليس  استعمال القدرات الذهنية .  

أنصتوا لابنائكم ، وتعلموا معهم ما لم تعلموه من قبل،  فكلما خصصت وقتا ولو ضئيلا لطفلك فاعلم انك ستكون المستفيد الأكبر لأنك ستفيده  وستستفيد منه ، فالعالم اليوم في حراك مستمر وما تعلمه اليوم ، يصبح  غدا متجاوزا ، ويبقى أطفالنا هم صلة الوصل بيننا وبين العالم فهم الحاضر والمستقبل .

1