
الاستماع هو استعمال حاسة السمع سواء بإرادنا او من دونها، فيمكنك ان تسمع كل الأصوات بما في ذلك اصوات الطبيعة والطيور وغيرها من دون اي مجهود منك .أما الانصات او الاصغاء أو الاستماع الفعال ( l’ecoute actif) فهو الاستماع بانتباه وتمعن لفهم معاني المتكلم والوصول معه الى نفس زاوية الرؤية .يقول تعالى ” وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون” الآية .ويعتبر الإصغاء الفعال من بين الأدوات التي تؤهل الأفراد في الأسرة إلى فهم وتفهم بعضهم وكذا فهم الآخر و يساهم في إرساء دعائم التفاهم والمودة فيما بينهم . لتستمر الأسرة متناغمة ومتحابة .وأمام هذا الزخم الكبير من الأصوات المزعجة المتعالية، فما أحوجنا اليوم الى التدريب على حسن الإصغاء ، بدأ من الأبوين، وهما الركيزة الاساسية في الاسرة ، فلم يعد احد منهما يعير اهتماما لما يقوله الأبناء ، بل منهم من يرى في حديث ابنائه ازعاجا لراحته، كما أن بعضهم أصبح الواتساب هو وساطته للحديث مع ابنائه ، بل لم يعد مجمع الاسرة كما كان على مائدة الطعام حيث تلتف الاسرة على طعام واحد، فلكل وجبته المفضلة ولكل حديثه مع مجموعته الافتراضية التي يرى فيها السند والملجأ عوض اسرته الحقيقية .ان المتمعن في حال كثير من الأسر اليوم ، يجدها في شتات كبير، يقابله قصور في أداء وظائف عدة ، فكثرة الإقبال على الدروس الخصوصية وحصص الدعم المدرسي أكبر مثال على ذلك ، مع العلم أن أغلب الأطفال الذين يستفيدون من هذه الحصص آباؤهم متعلمون ، فعوض الجلوس مع الأبناء والإنصات إليهم لمعرفة مواطن الخلل عندهم ونوع الصعوبات التي تواجههم ، فإن الآباء يفضلون اللجوء الى صرف مبالغ على هذه الحصص و في اعتقادهم أنها ستفيد أبنائهم في الحصول على علامات أعلى في الامتحان ، غير ان هذه الحصص في كثير من الاحيان ، لا تكرس سوى التعود على التكاسل و التعلم عن طريق التكرار وليس استعمال القدرات الذهنية . أنصتوا لابنائكم ، وتعلموا معهم ما لم تعلموه من قبل، فكلما خصصت وقتا ولو ضئيلا لطفلك فاعلم انك ستكون المستفيد الأكبر لأنك ستفيده وستستفيد منه ، فالعالم اليوم في حراك مستمر وما تعلمه اليوم ، يصبح غدا متجاوزا ، ويبقى أطفالنا هم صلة الوصل بيننا وبين العالم فهم الحاضر والمستقبل .