ان الجهل بالمتاعب التي عاشها الوالدان بالماضيريحول حتما دون الإحاطة بمتاعب الأطفال على النحو الصحيح . ومن الضروري للمرشد إذن في جميع الأحوال ايلاء الاهمية الكافية للتربية التي خضع لها كلا الوالدين والأوضاع النفسية والمادية التي عاشاها والتي طبعت طفولتهما. هل كانت طفولة مغمورة بمشاعر المودة ام انها قامت على الضغط والسلطوية.
لقد ميز كثير من المختصين النفسيين بين ميل بعض الآباء الى تطبيق مبادئ التربية التي تلقوها ممررين بذلك تجارب الجيل الذي سبقهم وميل الاخرين الى منهج مناقض تماما لهذه التربية . وقد يؤدي الخياران أحيانا إلى نفس النتيجة رغم تناقضها . فالصرامة المتطرفة لبعض الآباء عمقت المسافة التي كانت تفصلهما عن أبنائهم بينما يؤدي الأبناء الذين يقومون بالتعامل عكس ذلك بالتعامل بتحرر زائد الى حد اللامبالاة مع أبنائهم قد قاموا هم ايضا بتعميق الهوة بين الجيلين.
وغالبا ما يكون موقف الأم من الأبناء الذكور موقف الأب من البنات متأثرين نفس ما كان عليه علاقتهما باخوانهم واخواتهما وتظهر أحيانا بعض الضغائن الدفينة في اللاوعي وتطفو في علاقة الآباء بالأبناء ويصعب مع ذلك على الآباء أن يمنحوا أبناءهم أشياء قد حرموا منها هم انفسهم خلال طفولتهم او بمختلف مراحل حياتهم. . فالأب الذي لم يعرف أباه سيجد صعوبة في القيام بالدور الأبوي ،خاصة اذا كانت والدته قد جعلته يعتقد ان المراة لا تحتاج الى انسان اخر لتنشئة اطفالها.
ويوجد عدد كبير من هؤلاء الذين يعتقدون اعتقادا راسخا بعدم جدواهم في مجال تربية النشا ،بل ينحصر دورهم فقط في جلب المال. فالاب المدرس مثلا يتصرف مع ابنائه كما لو كانوا تلاميذ في القسم ولا يشاركهم الا ما تعلق بالتعلم وتصحيح الواجبات في حين ان دور الأب أكبر من ذلك بكثير.
مثال آخر عن أمهات قضين طفولتهن بدور الأيتام أو حضانات فإنهن تكن عاجزات عن توفير القدر الكافي من الرعاية والحنان لاطفالهن،رغم انهن يحبن اطفالهن بجنون الا ان الحب ليس هو الحنان والرعاية .وهنا اكد المتخصصون على ضرورة الانتباه لهذه التداخلات النفسية التي عاشها الآباء مع ما يعيشه الأبناء في دورة الحياة والتي يطغى عليها انتقال السلوكات بين الأجيال .ومحاولة معرفة حدود التداخل واثره وشرح هذه التفاعلات للآباء حتى يتمكنوا من تعديل سلوكاتهم و اعطاء اطفالهم حق العيش في طمأنينة وسلام داخل اسرة تعم فيها المودة والرحمة.