
اوضحت الدراسات ان العمر الفيزيولوجي وعلاقته بالسن المناسبة للتمدرس يخلق متاعب كثيرة سواء للمدرسة او للطفل اثناء اندماجه بمحيطه الجديد كاول بيىة خارجية يرتادها الطفل او الطفلة عند اول خروج له من فضاء الاسرة الخاص ، اذ يمكن التمييز بين العمر الفيزيولوجي والعمر الذهني وبعدها العمر الوجداني ويوجد كذلك عمر اخلاقي واجتماعي.ان العديد من المتاعب التي يعانيها التلاميذ ذوي الصعوبات المدرسية تنبعث اساسا من كون السن الملزم للتمدرس لا يراعى فيه الخصوصيات الشخصية الدقيقة جدا للطفل، فهي ملزمة بالاكتفاء بدفتر الحالة المدنية لتحديد سن التمدرس الاجباري وكلنا نعرف ان اعتماد العمر الفيزيولوجي ليس بالمعيار الدقيق في هذا الشأن.ويعد انسجام مستويات الاعمار المذكورة انفا من بين المشاكل التي تعترض نمو شخصية الاطفال في سن 15 او 16الاولى من حياتهم ،لان نموها لا بتم بشكل متوازن وهناك تباينات كثيرة بهذا الخصوص في مرحلة الطفولة وتصبح أكثر وضوحا في مرحلة المراهقة.ونظرا لكون العمر الفيزيولوجي تعطى له الاهمية الكبرى فان المشكلة تتفاقم حيث يفرض هذا المعطى حيثيات تؤثر على مصير التلاميذ . فالعديد من الآباء يضعون أنفسهم في سباق مع الزمن وخاصة في الفترة الثانوية من حياة أبنائهم حيث يخشون رسوبهم في اقسام تالية ،فيثقلون كاهل أبنائهم بالجهد الدراسي الشاق ليضمنوا تخطيهم لهذه المرحلة بنجاح ، دون الأخذ بعين الاعتبار الحالة النفسية والذهنية لأبنائهم. ودون ان ننسى ايضا جهود بعض الآباء في العمل على تخطي أبنائهم لبعض المستويات الدراسية بدعوى انهم نجباء وان مستواهم يفوق المستوى المعهود بين أقرانهم كما لو كان بإمكاننا ان نفصل حلقة من سلسلة متراصة وقد لا نفطن للعواقب ألا بعد سنوات عديدة حين يبدو على ذلك” العبقري الصغير” الفتور المتزايد في دراسته من مستوى لاخر.ان هذا الضغط الذي تتم ممارسته على بعض الاطفال كما لو كانوا نباتات في حديقة اصطناعية ،غالبا ما يؤدي الى عواقب مزدوجة: ارهاق نفسي وذهني مزدوج ينتج عنه ارهاق جسدي واضطرابات معقدة و متعددة،اضافة الى عرقلة نمو الشخصية و الذات ، في حين كان من الممكن تلافي كل ذلك بتصرف حكيم من الاباء وكذا من المؤسسات التربوية وترك الشخصية تنمو بكل سلاسة وبتدرج طبيعي .ويختلف العمر الفبزيولوجي اختلافا كبيرا باختلاف البلدان وكذا تبعا للازمنة والعصور والاجناس والاوساط ومما لا جدال فيه ان الطفل سواء كان جسمه اطول ام اقصر من اترابه سوف يؤسس جزءا من علاقته بهم على اساس هذا التباين الذي ينكشف لديه على نحو تدريجي فيتعلم كيف يندمج بينهم بشكل سوي دون مشاكل وعقد نفسية ولا مركبات نقص تكون حاجزا أمام السير قدما في حياته الشخصية مستقبلا.