لا شك أن الإنسان في حاجة مستمرة الى التواصل مع الآخر وهذا راجع حسب العلماء الى مهاراته  الكبيرة في نسج علاقات مع الآخر ومحاولة التوغل في كنه الغير. وهذا ما أسماه عالم النفس جاردنر ” ذكاء العلاقات المتداخلة بين الناس” والذي يعد احد اقسام الذكاء العاطفي . ومن هنا  يكون التواصل  المحرك الأول للعلاقات بين المرأة والرجل فقد تكون  اما صداقات عادية ، او صداقات خاصة،  قد تنمو مع الوقت لتبلغ احاسيس أسمى وأعمق تغلب فيها  العاطفة  على المنطق (مشاعر الحب( وتنتهي بالزواج  إذا اكتملت شروط التوافق)مصداقا لقوله تعالى  ” ومن آياته أن خلق لكم من انفسكم ازواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون ”  الآية.   

 ونظرا لما يعرفه عصرنا الحالي من تقدم كبير في وسائل الاتصال والتواصل، فقد اصبح الامر سهلا جدا لانتاج علاقات كثيرة ومتعددة وسريعة وفي نفس الوقت غير متوازنة، في أغلبها، خاصة في حالة التواصل عن طريق الانترنت، حيث تغيب عنها الواقعية والوضوح ويغلب عليها الكذب والتجمل والبهلوانية في طرح المواقف وكنتيجة لذلك تزداد نسب الارتباطات السريعة ومعها نسب الانفصالات الأسرع .      ولتفادي هذه المطبات العاطفية بين اثنين لابد من تحديد المسار الصحيح للعلاقة بين الطرفين والعمل على نهج السبل السوية لتحقيق مشروع متكامل المعالم وهو الزواج. فالزواج مؤسسة  قوية لا تكتمل الا اذا اكتملت شروط التناغم بين الطرفين مصداقا لقوله تعالى ” يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث فيهما رجالا كثيرا ونساء” الاية .       ولتحقيق مشروع زواج ناجح لابد من فترة خطوبة مثمرة و إليكم شبابنا بعض الخطوات  الفعالة لتحقيق ذلك :*في البداية لابد من الحرص على دراسة المشروع  المستقبلي ( الزواج ) قبل الإقدام عليه والعمل على تمتين الدعائم الاساسية للارتباط : الثقة المتبادلة  ، الصراحة والتواصل المستمر مع الشريك المستقبلي وعدم المبالغة في المطالبة بما يفوق قدرة واستطاعة الشريك. فالزواج قاعدة لابد من بنائها لبنة لبنة على أساس التوازن وليس المظاهر .*تحديد الأولويات والمسؤوليات رفقة الشريك ورسم الأهداف المستقبلية.*  التقييم الذاتي للإمكانيات المادية اولا ثم  مناقشتها مع الشريك ومناقشة الأمور المالية بكل صراحة وبدون تكليف مصداقا لقوله تعالى  ” لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ” الآية.  

     و من اجل انجاح هذا المشروع المصيري لابد من تدبير المتوفر من الامكانيات من اجل تحقيق الأهداف المسطرة، تدبيرا يجعلك  في اريحية تامة اثناء تنفيذ مخططاتك المستقبلية.      ان  بناء أسرة قوية يسودها التوازن هي غاية سامية ،،لما لذلك من أثر إيجابي على الأسرة بأكملها اباء وابناء لذا فان فترة ما قبل الزواج تبقى حاسمة اما ان تنعم الأسرة أو تشقى  سواء في وضع  القرارات  أو تنفيذها لاحقا من طرف  الشريكين معا.  * وضع وتحديد ثلاث مخططات لكل خطوة تريد ان تخطوها رفقة الشريك وتنفيذها طبقا لما سبق تخطيطه بالرغم من الإكراهات التي تعيق تنفيذ المخططات ،وهنا يبقى العزيمة والوعي الاسري حاضرا في الوصول الى النتيجة المتوخاة ، في كل مناحي الحياة المشتركة  مثال المخطط ا: شراء بيت الزوجية  والانتقال للعيش فيه  سويا بعد الزواج  وفي حال عدم الاستطاعة نهج المخطط ب: الانتقال للسكن عن طريق الكراء وفي حال التعذر يكون المخطط _ ج السكن مع العائلة ويستحسن ان يكون هذا الخيار الأخير فترة مؤقتة فقط حتى لا تضيع الحياة الخاصة للشريكين وسط الزحام. وغيرها من الامثلة التي يمكن ان يضعها الطرفين نصب العين والتي تحسم قبل الزواج .شبابنا وشاباتنا كونوا أكثر واقعية  في التخطيط لمستقبلكم الأسري ، فعوض قضاء معظم الوقت  من  فترة الخطوبة في الانتقال بين المقاهي والصالات العامة والحوار في أمور تافهة  واتباع ما تتداوله وسائل التواصل من تفاهات لا تسمن ولا تغني من جوع عضوا على هذه الفرصة الذهبية بالنواجد ، قبل الارتباط الرسمي، واستعدوا لتأسيس اتحاد قوي يكون نتاجه حياة اسرية ناجحة تنعم فيها الاسرة اباء وابناء بالحياة الطيبة والسعيدة  ، لأن الحصاد لا بد أن يسبقه تهيىة الأرض  قبل الزرع ،  فالغلة تأتي دائما على قدر المجهود وكما يقال ” الجزاء من جنس العمل”.

1