
تلعب شخصية الأب والأم دورا محوريا في تبلور شخصية الطفل والمراهق والشاب من كلا الجنسين. وهنا يمكن ان نميز بين نماذج من الفئتين وانعكاساتها على حياة الأطفال:الاب و الام المتسلطين يفرضان آرائهما التي يمكن أن يكون موضوعها قابلا للنقاش وهما يرفضان الحوار مع اطفالهما حتى ولو أصبحوا شبابا ويمتنعان عن إعطاء الأبناء فرصة لإبداء رأيهم او الدفاع عن هذا الرأي .غير أن الأشخاص الذين يكون لديهم هذا النوع من الوالدين والذين عانوا من هذه التربية ليسوا بالضرورة ضعاف الشخصية او غير حيويين وذلك لان الاوامر التي فرضت عليهم قد تؤدي مع توفر عناصر أخرى في التربية إلى انطلاق صيرورة مثمرة جدا من الناحية العملية ، خاصة إذا بذل الوالدان مجهودا من التفكير والمثابرة من أجل تربية الأبناء.غير انه في الوقت الحاضر بدت ملامح التمرد الوسيلة الأكثر شيوعا في أوساط الأطفال وكذا المراهقين لمواجهة الاب او الام ذوو الطبع المتسلط ، مع الاقرار ان نسبة الآباء المتسلطين أصبحت قليلة إذا ما قورنت بالماضي . والواقع ان هذا النوع من الآباء كان مرتبطا بنوع من الشخصيات المزاجية التحكمية التي تعتبر الحياة العائلية بمثابة ميدان حرب او تكون النزعة المتسلطة لديهم نتاجا لرؤية اخلاقية معينة أو تصور معين لدور الأب في العائلة.وغالبا ما كانت هذه التصورات منطلقها تفكير ساذج عن مفهوم الرجولة و قد يكون هذا التصور بايعاز من المرأة . وهنا يصبح الصراع الصامت بين الرجل والمراة عبارة عن ثنائية ساذجة في تبادل التهم والمؤاخذات حول دور كل منهما في التربية.في حين يصعب على المرأة الغير مؤهلة ان تتخذ موقفا تربويا دون ان يكون عاطفيا صرفا. فهي لم تعش تجربة المسؤوليات الا في اطار الحياة العائلية ، إذ لم يسبق لها خوض التجربة في تحمل المسؤولية من قبل فتكون العاطفة السمة الغالبة في قراراتها.اما المرأة المتسلطة داخل البيت والتي لا تستطيع أن تنهض بكل الاعباء التي تترتب عن ذلك سوف تلعب دورا حاسما في انعدام السلطة داخل فضاء الاسرة وكذلك الشأن بالنسبة إلى الأب الذي يجد نفسه مدفوعا إلى ممارسة سلطة لا يريدها ولا يرغب فيها. اذ ان المبدأ الذي يجبىان تقوم عليه التربية هو تقديم الغذاء النفسي الملائم للطفل وبالتالي فإن المسؤولية التربوية تبقى مشتركة بين الأب والأم .
(يتبع)
